فصل: قال الدمياطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.مطلب مكانة جبريل وقوته:

المنزل عليك يا حبيبي {لَقول رَسُولٍ كَرِيمٍ 19} علينا هو جبريل عليه السلام لأنه تلقاه من ربه ونزل به على محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الرسول {ذِي قُوَّةٍ} قدرة عظيمة على ما يكلفه به ربه وله مقام عال {عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ} تعالت عظمته {مَكِينٍ 20} في المنزلة والجاه مكانة ورفعة وشرفا {مطاع} في السموات من قبل الملائكة أجمع ومن طاعتهم له امتثالهم أمره يفتح أبواب السموات ليلة المعراج ومن قوته وشدة بأسه اقتلاع قرى قوم لوط من الماء الأسود اي من أقصى تخوم الأرض المتصلة بالماء وحملها على جناحه ورفعها إلى السماء ثم قلبها بأهلها اجمع فأنه أبصر إبليس يوما يكلم عيسى عليه السلام على عقاب الأرض المقدسة فنفحه بجناحه فالقاه إلى أقصى جبل بالهند وانه صاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين وانه يهبط إلى الأرض ثم يصعد إلى السماء في اسرع من رد البصر {ثَمَّ أَمِينٍ 21} على الوحي الذي يتلقاه من ربه فيوصله إلى الأنبياء كما أخذه {وَما صاحِبُكُمْ} يا اهل مكة المنزل عليه هذا القرآن المجيد {بِمَجْنُونٍ 22} كما تزعمون وان ما يقوله ليس من نفسه بل هو من عند اللّه، أقسم جل شأنه بأن هذا القرآن نزل به جبريل من عنده وأخبرهم بأن جبريل أمين على وحيه وأقسم لهم بأن محمدا ليس مجنونا كما يقولون ولم يؤثر ذلك فيهم لهذا قال تعالى: {فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} الآية 46 من سورة الحج وقال جل قوله: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ} من الآية 115 من الأعراف الآتية، وهذا قسم آخر على تصديق ما اخبر به محمد ورقه بن نوفل الذي مر ذكره في مطلب الوحي في المقدمة بانه أي جبريل حقيقة وتلقى منه أوائل سورة العلق بقوله: {وَلَقَدْ رَآهُ} وعزتي وجلالي لقد رأى محمد جبريل على صورته الحقيقية {بِالْأُفُقِ} الشرقي على القول الصحيح وما قيل بالغربي ليس بشيء وهو قوله بالحديث المار في المقدمة في بحث نزول الوحي انه جالس على كرسي بين السماء والأرض {الْمُبِينِ 23} الظاهر البين الذي لا خفاء عليه روى البغوي بإسناد الثعلبي عن ابن عباس «قال رسول اللّه لجبريل إني أحب أن أراك في صورتك التي تكون فيها بالسماء، فقال لن تقوى على ذلك، قال بلى ان شاء اللّه، قال فأين تشاء ان اتخيل لك؟ قال بالأبطح، قال لا يسعني، قال فبمنى، قال لا تسعني، قال بعرفات، قال لا تسعني، قال بحراء، قال ان يسعني، فواعده، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت فاذا هو بجبريل قد أقبل من جبال عرفات بخشخشة وكلكلة قد ملأ ما بين المشرق والمغرب ورأسه في السماء ورجلاه في الأرض فلما رآه صلى الله عليه وسلم خر مغشيا عليه فتحول جبريل عن صورته وضمه إلى صدره وقال يا محمد لا تخف فكيف لو رأيت اسرافيل ورأسه تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة وان العرش لعلى كاهله، وانه ليتضائل أحيانا من مخافة اللّه جل جلاله وسما شأنه حتى يصير كأنه حصو (حيوان صغير كالعصفور) حتى ما يحمل عرش ربك إلا عظمته» وهذه الرؤية التي وقعت ليلة الاسراء غير التي اخبر اللّه عنها في هذه السورة بل التي ذكرها في بحث نزول الوحي وانما أتى بها هنا تأييدا لرؤيته الأولى التي أتت عليه من غير طلب منه ورجع يرجف بها فؤاده من شدة ما لحقه من الخوف كما تقدم مفصلا قال تعالى: {وَما هُوَ} اي رسولكم محمد {على الغيب} مما يخبر به من الوحي واخبار السماء وما اطلع عليه مما كان غائبا في علمه لوحينا اليه {بضنين} بخيل لا يبوح به إليكم وقرئ {بظنين} بالظاء، أي ليس بمثلهم لأنه أمين أرسل مبلغا ما يوحى اليه من ربه إلى البشر كما تلقاه، اي انه لا يتهم بالبخل لأنه لا يريد أجرا على ما يبلغه كالكاهن ولا يظن به انه يزيد أو ينقص من الوحي وأنتم تسمونه الأمين فإذا كان أمينا على ما عندكم أفلا يكون أمينا على ما عند اللّه؟
والقراءة بالظاء حسنة على التأويل الذي جرينا عليه لأن قومه لا يتهمونه بالبخل ويعرفون كرمه، ولو أريد البخل على القراءة بالضاد لقال (بالغيب) لأن فعله يتعدى به ويقال بخل به لا عليه فلا تجوز {وَما هُوَ} أي القرآن بقول {شَيْطانٍ رَجِيمٍ 25} تتلقاه الكهنة والسحرة كما تزعم قريش ولا عن لسان الشيطان بل وحي إلهي من اللّه إلى رسوله {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ 26} فيما تتقولون مذاهب شتى لا نصيب لها من الصحة، وهذا استفهام تضليل لهم كما يقال لتارك الجادة المستقيمة إذا ضل السبيل وسلك السبل العديدة المنشعبة عن الطريق يمينا وشمالا: اين تذهب فقد ضللت أي اي طريق تسلكونه، أبين من طريق محمد الذي فيه الهداية إلى النجاة {إِنْ هُوَ} ما هذا القرآن المنزل عليه {إِلَّا ذِكْرٌ} عظة وعبرة {لِلْعالَمِينَ 27} اجمع وهو تذكرة ايضا {لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ} ايها الناس {أَنْ يَسْتَقِيمَ 28} على الحق ويتمسك بطريق الاستقامة وذلك لأن مشيئة العبد بسلوك ما يوصل المعبود موقوفة على مشيئته قال سلمان بن موسى لما نزلت هذه الآية قال أبو مهل، ذلك إلينا ان شئنا استقمنا وإلا فلا فأنزل اللّه بعدها {وَما تَشاؤُنَ} أيها الناس فعل شيء ولا تركه {إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ 29} فعله لأنه مالك الخلق كلهم وأعمالهم فلا يقدر أحد ان يعمل خيرا الا بتوفيقه ولا شرا الا بخذلانه.
وفقنا اللّه لما به سعادة الدارين آمين، واللّه أعلم، وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة الا باللّه العلي العظيم وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى صحبه أجمعين. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة التكوير:
مكية.
{علمت نفسا ما أحضرت} تام والوقف على ما قبله من رؤس الآي جائز وقال أبو عمرو كاف.
{ثم أمين} تام.
{بمجنون} كاف.
{المبين} وكذا {بضنين}.
{شيطان رجيم} جائز.
{تذهبون} تام وكذا {أن يستقيم} وآخر السورة. اهـ.

.قال أحمد عبد الكريم الأشموني:

سورة التكوير:
مكية.
تسع وعشرون آية.
وكلمها مائة وأربع كلمات.
وحروفها خمسمائة وثلاث وثلاثون حرفاً.
الوقف التام:
{علمت نفس ما أحضرت} وقال بعضهم الوقف على رأس كل آية حسن لا بأس به لضرورة انقطاع النفس إلى بلوغ الوقف فإذا علم أن نفسه لا يبلغ ذلك جاز له الوقف دونه ثم يبتدئ به.
وجواب {إذا الشمس} {علمت نفس} وما بعده معطوف عليه يحتاج من الجواب إلى مثل ما يحتاج إليه الأول فيقدّر لكل آية جواب فكأنه قال إذا وقعت هذه الأشياء علمت نفس ما أحضرت.
{سجرت} و{قتلت} بالتشديد والتخفيف فيهما فقرأ ابن كثير وأبو عمرو {سجرت} بتخفيف الجيم والباقون بالتشديد وقرأ أبو جعفر {قتلت} بتشديد التاء على التكثير.
وقرأ ابن عباس {سألت} مبيناً للفاعل {قتلت} بضم التاء الأخيرة التي للمتكلم حكاية كلامها ولو حكى ما خوطبت به حين سئلت لقيل قتلت بكسر التاء الأخيرة وقرأ العامة {قتلت} بتاء التأنيث الساكنة وقرأ الأخوان وابن كثير وأبو عمرو و{سعرت} بالتشديد والباقون بالتخفيف قال ابن عباس من أول السورة إلى {وإذا الجنة أزلفت} اثنتا عشرة خصلة ست في الدنيا وست في الآخرة ولا وقف من قوله: {فلا أقسم بالخنس} إلى قوله: {أمين} على أن جواب القسم {إنه لقول رسول} ومن قال إنه {وما صاحبكم بمجنون} لم يقف على شيء قبله إلى قوله: {بمجنون} فلا يوقف على {الخنس} ولا على {تنفس} ولا على {كريم} لأن ما بعده نعته ولا على {أمين} لأن جواب القسم على القول الثاني لم يأت.
{بمجنون} تام.
والمعنى أقسم بهذه الأشياء أن القرآن نزل به جبريل وما صاحبكم بمجنون على ما زعمتم.
{المبين} كاف. ومثله {بظنين} على القراءتين.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي بالظاء المشالة والباقون بالضاد.
{رجيم} جائز.
{تذهبون} تام ورأس آية.
{للعالمين} ليس بوقف لأن قوله: {لمن شاء} بدل بعض من قوله: {للعالمين} بإعادة حرف الجر فإن من شاء أن يستقيم بعض العالمين.
{أن يستقيم} مفعول {شاء} أي لمن شاء الاستقامة ويجوز أن يكون {لمن شاء} خبراً مقدماً ومفعول {شاء} محذوف و{أن يستقيم} مبتدأ.
آخر السورة تام.. اهـ.

.فصل في ذكر قراءات السورة كاملة:

.قال الدمياطي:

سورة التكوير:
مكية.
وآيها عشرون وثمان في عد أبي جعفر وتسع في غيره.
خلافها:
آية {فأين تذهبون} تركها أبو جعفر.
القراءات:
اختلف في {سجرت} الآية 6 فابن كثير وأبو عمرو ويعقوب بخلف عن رويس بتخفيف الجيم على الأصل وافقهم ابن محيصن واليزيدي والباقون بتشديدها على التكثير وهي رواية أبي الطيب عن رويس وأبدل همز بأي يا مفتوحة الأصبهاني بخلفه كما مر في بأي أرض وبأيكم بخلاف ما فيه الفاء نحو {فبأي} فإنه لا خلاف عنه في إبداله ولم ينبه في الأصل هنا على الخلاف عن المطوعي.
{المودة} بحذف الهمزة على وزن الموزة ويوقف عليها لحمزة بالنقل فيصير اللفظ بواوين أولاهما مضمومة والثانية ساكنة كمعونة وبالإبدال مع الإدغام إجراء للأصلي مجرى الزائد على وزن بلوطة لكنه يضعف للثقل كما في النشر وحكم حذف الهمزة والواو بين بين وهما ضعيفان ويوقف له على {سئلت} بالتسهيل كالياء وبالإبدال واوا مكسورة على مذهب الأخفش.
واختلف في {قتلت} الآية 9 فأبو جعفر بتشديد التاء على التكثير والباقون بتخفيفها.
واختلف في {نشرت} الآية 10 فنافع وابن عامر وعاصم وابو جعفر ويعقوب بتخفيف الشين والباقون بتشديدها للمبالغة.
واختلف في {سعرت} الآية 12 فنافع وابن ذكوان وحفص وأبو بكر من طريق العليمي ورويس بتشديد العين والباقون بتخفيفها وهي رواية يحيى عن أبي بكر.
وأمال {الجوار} الدوري عن الكسائي فقط ووقف بالياء عليه يعقوب كما مر في الوقف على المرسوم.
ومر حكم حرفي {رآه} في نظيره مما اتصل بمضمر نحو {وإذا رآك الذين كفروا} بالأنبياء فراجعه.
واختلف في {بظنين} الآية 24 فابن كثير وابو عمرو والكسائي ورويس بالظاء المشالة فعيل بمعنى مفعول من ظننت فلان اتهمته ويتعدى لواحد أي وما محمد على الغيب وهو ما يوحي الله إليه بمتهم أي لا يزيد فيه ولا ينقص منه ولا يحرف وافقهم ابن محيصن واليزيدي والباقون بالضاد بمعنى بخيل بما يأتيه من قبل ربه اسم فاعل من ضن بخل.
المرسوم:
{بضنين} بالضاد في الكل قال أبو عبيد نختار قراءة الظاء لأنهم لم يبخلوه بل كذبوه ولا مخالفة في الرسم إذ لا مخالفة بينهما إلا في تطويل رأس الظاء على الضاد قال الجعبري وجه {بضنين} أنه رسم برأس معوجة وهو غير طرف فاحتمل القراءتين وفي مصحف ابن مسعود بالظاء. اهـ.

.قال عبد الفتاح القاضي:

سورة التكوير:
{كورت}، {سيرت}، {حشرت}، {ذكر}، جلي.
{سجرت} خفف الجيم المكي والبصريان وشددها غيرهم.
{الموءودة} ولا توسط لورش ولا مد في الواو التي بعد الميم بل هو كغيره من القراء، وفيه لورش ثلاثة البدل على أصله. ولحمزة فيه وقفا النقل والإدغام لأصالة الياء.
{سئلت} لحمزة فيه وقفا التسهيل بين بين والإبدال واوا محضة على مذهب الأخفش.
{قتلت} شدد التاء أبو جعفر وخففها الباقون.
{نشرت} شدد الشين المكي والبصري والأخوان وخلف وخففها الباقون ورقق ورش راءه.
{سعرت} شدد العين المدنيان ورويس وابن ذكوان وحفص وخففها الباقون ولا يخفيى ترقيق رائه لورش.
{الجوار} وقف عليه يعقوب بالياء وغيره بحذفها.
(ثم) وقف عليه رويس بهاء السكت والباقون بغيرها.
{بضنين} قرأ المكي والبصري ورويس والكسائي بالظاء والباقون بالضاد.
{العالمين} آخر السورة وآخر الربع.
الممال:
سورة عبس من السور الإحدى عشرة.
رءوس الآي:
{وتولى}، {الأعمى} {يزكى} معا.
الذكرى، استغنى، تصدى، يسعى، يخشى، تلهى، وهي معدودة بالإجماع، وقد أمالها الأخوان وخلف، وقللها كلها البصري إلا الذكرى فأمالها وقللها كلها ورش من غير استثناء.
ما ليس برأس آية:
{شاء} الأربعة و{جاءه} و{جاءك} و{جاءت} لابن ذكوان وخلف وحمزة.
{الجوار} لدوري الكسائي ولا تقليل فيه لورش.
{رآه} بإمالة الهمزة والراء لشعبة والأخوين وخلف وابن ذكوان بخلف عنه فيهما وبإمالة الهمزة وحدها للبصري وبتقليلهما لورش وبفتحهما للباقين وهو الوجه الثاني لابن ذكوان.
المدغم الكبير:
{النفوس زوجت}، {الموءودة سئلت}، {أقسم بالخنس}. {لقول رسول}، {الغيب بضنين}. اهـ.